أصدقائي المجاهيل


لا أكتب عن الغرباء فحسب، بل أكتب عن مجاهيل في عالم ليس بغريب، حيث يمكنني وصف شخص مجهول دون آخر غريب لا يمكن وصفه.

أحد هؤلاء المجاهيل صادفته في تويتر فقررت متابعته، كانت تغريداته تستهويني كثيرًا. لم أكن أعرف عنه سوى أسمه وأسم عائلته، دفعني ذلك لأترقب بيع إصداره الأول في معرض مسقط للكتاب، ثم الإصدار الثاني في العام الذي يليه. كنت أتساءل حينها لماذا لا يفصح هذا عن صورته لأراه في تويتر، على أقل تقدير سأستطيع تخمين عمره من خلالها. كنت متشوق جدًا لذلك؛ لأن ثمة تساؤلات كانت تراودني كلما قرأت له شيئا جديدًا. مرت الأيام حتى تحقق حلمي ورأيت تشكيلة جانب من وجه في حسابه على انستجرام. شيئا فشيئا حتى وضعها صورة رمزية لحسابه في تويتر. حينها بدأت أحصل على إجابات أخلقها بنفسي وأصدقها؛ أصبحت ألصق عليه تحليلاتي الواهية، حتى قمت بإلغاء متابعتي له منذ فترة ليست ببعيدة.

وكذلك في تويتر تتكرر الصدف والصداقات مع مجاهيل لا أعرفهم واقعًا بل افتراضا وذلك يكفيني - كما أنا مقتنع بذلك الآن - ومرة في حديث أخذني مع أحدهم، اختتمت كلامي بـ " لا تفصح عن هويتك، هكذا أنت هنا أجمل "

ومع مجهول آخر ادعى معرفة شيء خاص بي، قلت له لا أريد معرفة من أنت حقًا، يكفي أنني ابتسم لك الآن.

صدفة أخرى في تويتر تجمعني الدراسة بأحدهم، في مقرر ما، لتصلني رسالة منه في نهاية اليوم الدراسي: تعرف أنت اليوم جالس قريب مني بس ما عرفتني. ازداد فضولي لمعرفة من يكون، إلا أنني قررت أن لا أعرفه ليبقى مجهولا جميلا حتى إشعار آخر.

ليست الصدف وحدها من تقودنا إلى أصدقاء مجاهيل؛ فلك أن تتصور كيف كان يقوم بعض المجاهيل بإرسال رسائل تعارف إلى صناديق بريد مجهولة في دولة أخرى؛ أملًا في أن يصلهم رد مجهول يفرحهم بعد عدة أشهر ربما وربما لن يصل.

كما يحدث لي أحيانا في تطبيق الآسك تصلني أسئلة بلا اسم تزيد من ذهولي، وربما فرحي بالسؤال ليجعلني أجيب عليه فورًا. بينما الأسئلة التي يكون فيها اسم السائل ظاهرًا، غالبا ما أحتاج إلى وقت أكثر ودقة أعلى للإجابة عليه.

حتى في مدونتي هذه يترك لي بعض المجاهيل تعليقاتهم العابرة والتي غالبا ما تبقى عالقة في ذهني؛ فهم يفعلون ما لم يستطيع فعله صديقي عندما يترك تعليق إعجابه معنونًا بأسمه. وأتذكر هنا قصة قصيرة نشرها كاتب نسيت أسمه ونسيت عنوانها كذلك، ولكني أتذكر أنها كانت بحثا عن مجهول، قرر أن يبقيه كذلك حينما واتته الفرصة للتعرف عليه؛ ليكون هذا المجهول ذكرى جميلة خالدة.

قال لي أحدهم على طاولة مقهى: لدي علاقات كثيرة مع زملاء وأصدقاء لا تربطني بهم علاقة سوى طاولة كهذه أو مصلحة مشتركة كعمل ما (Business) لذا لست بحاجة إلى معرفة تفاصيل شخصية عنهم كمكان عملهم، حالاتهم الاجتماعية وانتماءاتهم الجغرافية حتى. كما أختتم حديثه عندما أخبرني عن مجهول مقرب منه بعد مضي سنة وعدة أشهر على علاقتهما أفصح على مكان عمله، على الرغم من أنه لا يتطلب شيئا من السرية كالأعمال الأمنية كما يتبادر إلى ذهنك الآن ربما.

نحن لسنا بحاجة إلى جمع تفاصيل كاملة عمن نتعامل معهم بحجة أننا سنصبح أصدقاء بعد ذلك، علينا أن نحب الجوانب التي نعلمها منهم ونترك بقية التفاصيل الأخرى التي قد لا تروق لنا منهم أو لا تناسبنا، والتي ما إن عرفناها قد تجعلنا نقصيهم من حياتنا تمامًا.

أصدقائي المجاهيل، أنا سعيد جدًا لوجودكم هنا على مدونتي الآن، وقد تزيد سعادتي إذا ما حاولتم أن تخبروني عن ذلك بطريقة مجهولة!

ما رأيكم لو أخبرتكم بأنني لست الكاتب الحقيقي لهذه الكلمات؟! قد يكون مجهول آخر جاء ليكتب لأجلكم؛ أيفرحكم ذلك؟!

أيوب الشعيلي
@Ayoub_Saleh


تعليقات

  1. نعم نعم نعم يفرحني ذلك
    كلام جميل :-D

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا لك أيها المعلق المجهول رقم 1

      ^ــــ^

      حذف
  2. لأن تعرف جانبا مشرقا في شخص ما خير لك من أن تكشف بقية الجوانب والتي قد لا تروق لذائقتك

    وقديما قالوا :
    تسمع بالمعيدي خير من أن تراه

    ردحذف
  3. تسلسل رائع في الكلام
    وعنوان مختلف جذاب
    أنا مجهول.. هلا بحثت عنّي؟

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا لك أيها المعلق المجهول رقم 3

      هههه ربما لا
      ^ــــ^

      حذف
  4. هل صدقا تود أن يبقى المجهول كذلك..

    أعجبني النص.. حاولت أن أكون مجهولا.. لكني وضعت بين الكلمات ما يكشف عن شخصيتي.

    أستمر يا أيوب

    ردحذف
    الردود
    1. أنت مازالت مجهولًا بأسم المجهول المعلق رقم 4

      شكرا لك ^ــ^

      حذف
  5. جمييل جدا ^__^
    أدركت الآن السبب الذي يجعلني متمسكة بحلم رسائل الزجاجات عبر الماء ,
    أن تترك رسالة ف زجاجة .. وتلقي بها في الماء ومن ثم تنتظر عودتها إليك محملة برسالة أخرى ..
    من مجهول لا يمكن أن تعرفه ..
    فعلا جميل ما كتبت ^__^

    ردحذف
    الردود
    1. ربما قد عرفتك!

      شكرًا لك أيها المعلق المجهول رقم 5

      ^ــــ^

      حذف
  6. جميلة هي تلك الكلمات التي بعثت لأجل أصدقاء مجهولين و جميلة تلك الروح التي تحملها ...كعادتك لابد من استدارة حوارك لتصنع في أذهان القارئ الملاين من الأسئلة ..من و كيف و لماذا ..وانا كشخص مجهول احببت كل حرف ينبع من بين حنايا قلمك وهو الامر الذي صنع في ذهني العديد من الأسئلة حولك وجعلني أتابعك أينما كنت ..اخي العزيز اهنئك من قلبي ع أسلوبك الذي دائماً يصنع الحيرة في ذهني و صرت اتابع كل مدوناتك لكي أستطيع ان اسير ع خطاك ..حقا اعشق كل ما خطه قلمك من حروف

    ردحذف
    الردود
    1. شكرًا لك أيها المعلق المجهول رقم 6

      كلماتك أسعدتني

      ^ــــ^

      حذف
  7. ايوب كانك ذكرت قصة حدثت بيننا
    المهم انه انا مجهول حاليا بالنسبة لك

    ردحذف
    الردود
    1. هههههه شكرًا لك أيها المعلق المجهول رقم 7

      ^ــــ^

      حذف
  8. علاقــات سطحية
    حيـــاة صحية ..
    أليس كذلك ؟

    ردحذف
    الردود
    1. نعم أتفق إلى حد ما

      شكرًا لك أيها المعلق المجهول رقم 8

      ^ــــ^

      حذف
  9. سيصدمك هذا المجهول بتعليقه بعد اشهر من كتابة المدونة
    ذلك لانه مازال يقرأها مراراً و تكراراً ~ فهي توقظه بطريقة مجهولة
    مشكلتها انها من كاتب معرّف ~ و قد تكون ميزتها
    تكتب بإبداع مجهول فكن كذلك

    ردحذف
  10. هل لي أن أكون من ضمن اصدقائك المجاهيل .. ؟

    النادرون من هم أمثالك أيوبنج^^ .. حفظ ربي ابداع أناملك

    يحميك الباريء

    ردحذف
  11. They think you would possibly lose 5 or 6 occasions in a row — but when you win…you are not going to do it just as soon as}. If {you are|you're|you would possibly be} reading this blackjack strategy guide and you are a newbie, ought to be|you have to be|you should be} afraid of high-stakes video games. At its coronary heart, this on line casino classic is a straightforward game of addition with some rudimentary components of strategy to keep it fun. Players try to beat the dealer by getting close to 21 카지노 factors with out going over. If the total of your cards exceeds 21 then {you are|you're|you would possibly be} said to have “bust” and your hand is folded and your guess is misplaced. The dealer can even bust under the identical circumstances.

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سناب شات ما وراء الفكرة

المدينة لم تستيقظ بعد!